عن القديس مرقس الناسك

السيرة

هو من النسّاك المتوحدين في القرن الخامس الذين عاشوا في براري سورية وفلسطين .يُرجح أنه كان رئيس دير في أنقرة (حالياً تركيا) قبل هذا. ولا يُعرف عن حياته الكثير. ومع نشر المخطوط الأورشليمي سنة ١٨٩١ لرسالته اللاهوتية «ضد النساطرة» (Contra Nestorianos)، التي كتبها نحو سنة 430 م، تبيّن مدى أهميّته في مناقشات القرن الخامس العقائدية، وثبتت نسبة عدد من مؤلفاته إليه. 1 (سأحاول ترجمت جميع هذه المؤلفات إلي العربية هنا).

القديس بالاديوس والمؤرخ

ذكر القديس بالاديوس والمؤرخ (القرن الرابع) مرقس الناسك في كتابه “التاريخ اللوزياكي”، مشيرًا إلى فضائله العظيمة وطهارته الفائقة. ويروي في الفصل الثامن عشر عن القديس مقاريوس الكبير أنه يقول الآتي:

لقد لاحظتُ عند توزيع الأسرار الإلهية أنني لم أكن أنا الذي أعطي القربان لمرقس الناسك، بل كان ملاكٌ يُعطيه له من على المذبح، ولم أرَ سوى مفصل من يد المانح.

بالاديوس المؤرخ، التاريخ اللوزياكي، فصل ١٨ عن القديس مقاريوس الكبير 2

ويُضيف بالاديوس واصفًا إياه بأنه “كان شابًا قد حفظ العهدين القديم والجديد عن ظهر قلب، وبلغ من الوداعة والعفة ما فاق به جميع الناس.” 2


كتاب الميناون (Μηναῖον)

ذُكرت سيرته في كتاب الميناون لدي الروم أنه هو مرقس الذي كان في صحراء وادي النطرون في مصر وأيضاً دُعي بمرقس صانع العجائب

نص سيرة القديس مرقس من كتاب الميناون (Μηναῖον)

كان ناسكًا وصانع عجائب، ترهّب في سن الأربعين على يد معلّمه القديس يوحنا الذهبي الفم. أمضى مرقس ستين سنة أخرى في برّية نيتريا صائمًا مصلّيًا ومؤلِّفًا كتبًا تعليمية نافعة. وكان قد حفظ الكتاب المقدّس كلّه عن ظهر قلب. امتاز بكثرة الرحمة، وكان يبكي لأجل كل مخلوق من خلائق الله المتألّمة. ويُروى أنّه بكى مرة على جرو ضبع أعمى، فاستعاد الجرو بصره، فجاءته أمّه الضبع شاكرة وقدّمت له جلد خروف، فحرّم عليها القديس من حينها أن تذبح خراف الفقراء. وقد كان يتناول الأسرار الإلهية من يد ملاك. وتُعدّ عظاته في الناموس الروحي، وفي التوبة، وفي السهر الروحي، وغيرها، من أسمى ما كُتب في الأدب الكنسي، حتى إن البطريرك العظيم فوتيوس نفسه كان يُجلّها ويقدّرها تقديرًا عظيمًا.

كتاب الميناون (Μηναῖον)، عن مرقس الراهب احتفالاً به يوم ٥ من شهر مارس 3


المؤرخ نيكيفوروس

كما ذكر المؤرخ نيكيفوروس (١٣٥٥ م)4 أن القديس مرقس كان تلميذاً ليوحنا ذهبي الفم 5


كتاب أعمال القديسين (Acta Sanctorum)

ذُكرت أيضاً سيره له في كتاب أعمال القديسين (Acta Sanctorum) 6 في شهر مارس.

نص سيرة القديس مرقس من كتاب أعمال القديسين (Acta Sanctorum)

القدّيس مرقس الراهب في مصر

حوالي سنة ٤٠٠ ميلادية

خلاصة تاريخية

مرقس، الراهب في مصر (قدّيس).

[1] يذكر اليونانيون في الميناون الكبير (كتاب سِيَر القدّيسين) في اليوم الخامس من شهر آذار (مارس) هذا المديح للقدّيس مرقس الراهب. وفي اليوم نفسه يُعيَّد أيضًا لاسم أبينا القدّيس مرقس الراهب صانع العجائب. كان هذا القدّيس محبوبًا في كل عملٍ من أعماله، وكان يُكرّس ذاته كليًّا للتأمل في الأسفار الإلهية، حتى بلغ بفضل هذه الدراسة أسمى درجات الفضيلة والحياة الرهبانية. وتشهد على ذلك كتاباته المملوءة علمًا ومنفعة، كما تشهد أيضًا النعمة العجائبية التي منحه إيّاها المخلّص يسوع المسيح. ومن بين هذه العجائب وجب أن نذكر واحدة منها على الأقل.

[2] بينما كان القدّيس مرقس جالسًا في قلايته منشغلًا بنفسه، أتته أنثى الضبع حاملة جروها الأعمى، متوسّلة إليه بإيماءاتٍ تعبّر عن الرجاء، طالبةً أن يشفق عليها ويشفي صغيرها من العمى الذي وُلِد به. ولما تفحّص القدّيس عيني الحيوان المريض، تفَل عليهما وصلّى بحرارة، فانفتحتا وشُفِيَ الجرو في الحال. وفي اليوم التالي جاءت الضبع وهي تحمل جلد كبشٍ ضخم كمكافأةٍ على الشفاء، لكن القدّيس رفض أن يقبل الهدية حتى وعدته الوحشية ألّا تعود فتفترس خراف الفقراء. فإذا كان قد أبدى هذا القدر من الحنوّ نحو الحيوانات غير الناطقة، فكم بالحريّ كان قلبه مملوءًا رأفةً بالبشر، الذين تشترك معه في طبيعةٍ واحدةٍ تطلب الرحمة والمغفرة من خالقها.

[3] وكانت نقاوة قلب هذا الرجل عظيمة جدًّا، حتى إنّ أحد الكهنة أقسم قَسَمًا مقدّسًا أنّه لم يُعطِ القدّيس مرقس الراهب القربان المقدّس بيده قطّ، بل في كل مرة كان يرى ملاك الربّ يقدّمه له. وكان الكاهن يرى فقط يد الملاك ممدودةً من المذبح تحمل الملعقة التي بها يتناول القدّيس جسد الربّ ودمه الكريمين.

[4] ترك القدّيس مرقس كل اهتمامات هذا العالم وهمومه عندما بلغ الأربعين من عمره، وبعد أن أمضى ستين عامًا في الجهاد الرهباني، انتقل إلى الربّ بسلام. كان قصير القامة، قليل اللحية، لكنّ وجهه كان يضيء بنور النعمة الإلهية المنبعث من الروح القدس الساكن فيه. هكذا يذكر الميناون اليوناني، وهو ما ورد أيضًا في السنكسار المخطوط لكلية كليرمون اليسوعية في باريس، وكذلك في كتاب القدّيس مكسيموس الكيثيري في سير القدّيسين.

[5] ويروي المؤرخ سوزومينوس في الكتاب السادس من تاريخه الكنسي، الفصل التاسع والعشرين، عن القدّيس مرقس ما يلي:

في ذلك الزمن عاش القدّيس مرقس، المشهور بين الناس، مع القدّيس أبولونيوس الشاب والقدّيس موسى الحبشي في برية الإسقيط. ويُقال إنّ مرقس، وهو بعد شاب، كان وديعًا جدًا ومعتدلًا، وحافظًا للكتب المقدّسة عن ظهر قلب، حتى صار محبوبًا جدًا لدى الله، بحيث كان القدّيس مكاريوس الكبير، الكاهن، يؤكّد دومًا أنّه لم يُناوله بيده الأسرار الإلهية التي يجب أن تُقدَّم من الكهنة على المذبح، بل إنّ ملاكًا من السماء كان يقدّمها له، وأنّه رأى فقط يد الملاك حتى مفصل الذراع.

المؤرخ سوزومينوس، التاريخ الكنسي، الكتاب السادس، الفصل ٢٩ 7

وهذه نفس الرواية التي يذكرها أيضًا نيسيڤوروس في تاريخه الكنسي، الكتاب الخامس، الفصل الخامس والثلاثين.

[6] وقد تحدّثنا عن سيرة القدّيس موسى الحبشي في اليوم السابع من شباط، وعن القدّيس أبولونيوس رئيس الدير في طيبة في اليوم الخامس والعشرين من كانون الثاني، وهو المسمّى هنا «أبولونيوس الأصغر». أمّا أعمال القدّيس مكاريوس الكبير فذكرناها في اليوم الرابع من كانون الثاني، حيث يروي بلاديوس في الفصل العشرين من تاريخ اللاوسياكيين المعجزة نفسها عن شفاء جرو الضبع الأعمى، وينسبها إلى مكاريوس، …

[7] ويروي مكاريوس بنفسه، وهو كان كاهنًا، أنّه لاحظ في وقت الشركة الإلهية أنّه لم يُعطِ القدّيس مرقس القربان بيده قطّ، بل كان الملاك يقدّمه له من المذبح، ولم يكن يرى سوى إصبع اليد الإلهية التي كانت تُقدّم له الجسد المقدّس. وكان مرقس، وهو بعد شاب، يحفظ العهدين القديم والجديد عن ظهر قلب، معروفًا بوداعته الشديدة واعتداله الكامل.

[8] ويُروى أنّ أحد الإخوة ذهب إليه في شيخوخته ليتعلّم منه، وكان القدّيس قد بلغ المئة من العمر وفقد أسنانه، فرآه يحاور نفسه والشيطان في معركة روحية، قائلاً لنفسه:

ماذا تريد منّي بعدُ، أيّها الشيخ الشرّير؟ هوذا قد شربت الخمر ولمست الزيت، فماذا تطلب بعدُ، أيّها الشره في الشيب ،أيّها العبد للبطن؟

القديس مرقس في حوار مع نفسه والشيطان

وكان يُوبّخ نفسه بالعار والذمّ قائلاً للشيطان:

ابتعد عنّي أيّها العدوّ، فقد شختَ معي في الخصومات، وأضعفت جسدي، وجعلتني أشرب الخمر وأذوق الزيت، وجعلتني مترفًا. هل بقي لك شيء عندي لتغتصبه؟ لا تجد فيَّ ما تطلبه. ابتعد عنّي، أيّها المبغض للبشر!

القديس مرقس في حوار مع نفسه والشيطان

ثم كان يوبّخ نفسه قائلاً:

«تقدّم يا أيها الشيخ الكسول، يا ملتهمًا في شيخوختك، إلى متى أحتملك؟!»

القديس مرقس في حوار مع نفسه والشيطان

سيرة القديس مرقس، كتاب أعمال القديسين، يوم ٥ من شهر مارس 8


مكتبة (Μυριόβιβλος) فوتيوس بطريرك القسطنطينية

ذكر فوتيوس 9 في مكتبته 10 عن كتابات القديس مرقس وقال الآتي:

فوتيوس عن ما قرأ للقديس مرقس الناسك

قُرِئَ كتابٌ للراهب مرقس في ثماني مقالات، أولاها تحمل عنوان “في الناموس الروحي”، وهي نافعة للذين اعتنقوا الحياة النسكية، كما هي المقالة التالية لها، مُظهِرةً أن الذين يظنون أنهم يتبررون بالأعمال يسقطون في فكرٍ باطل، بل في ما هو خطير للغاية. وفي هذه تُنسَج معاً نصائح أخرى، تنتمي هي أيضاً إلى الناموس الروحي. والمقالة الثالثة، الموجَّهة نحو التوبة اللائقة دائماً، ترتقي إلى نفس درجة المنفعة.

الأسلوب واضح من حيث بساطة الألفاظ وإيجاز التعبير، وإن لم يكن مُحكَماً بالكامل وفقاً للسان الأثيني. ولكن حيثما يُلاحَظ الغموض، فإنه يرجع إلى كون هذه الأمور بطبيعتها تُفهَم بشكل أفضل من خلال الممارسة [πράξις] أكثر من التفسير اللفظي، وليس لأنها قد عُبِّر عنها بصعوبة. وهذه الخاصية لا تظهر في المقالات المذكورة فحسب، بل في التي تليها أيضاً. وليس لهذا الرجل وحده، بل لجميع الذين كان همُّهم إعلان القوانين النسكية والأهواء والأحوال التي تسير بالأعمال تقريباً، يصاحبهم هذا النوع من الغموض في بعض المواضع، إذ أن المعرفة من الأعمال نفسها لا تحبذ كثيراً الإيضاحات بالكلمات. ولكن هكذا عن هذا الأمر.

أما المقالة الرابعة، المصوغة في شكل سؤال وجواب، فتُظهِر كيف أن المعمودية الخلاصية قد منحتنا سرّياً الحرية والتطهير من الخطايا، وأسكنت فينا نعمة الروح الكلي القداسة، وأموراً أخرى مثل هذه. والخامسة تُشكِّل العقل [νοῦς] نحو المشورة، كأنه يتواصل مع نفسه [ψυχή]، ومن خلالها تُظهِر أننا نحن أنفسنا، وليس الآخرون، مسؤولون عن خطايانا.

والسادسة مصوغة كحوار، تُدخِل شخصاً مدرسياً يتحاور مع مرقس نفسه، ونقاطها الرئيسية هي: أن المظلوم يجب ألا ينتقم ولا يدين الظالمين، بل يعتبر الإساءات التي تأتينا من الآخرين كجباية لخطايانا الخاصة؛ وأن إرضاء الناس أمر شاق؛ وكيف يجب تقديم الصلاة بفارق كبير على كل عمل جسدي؛ وما هي مشيئة الجسد.

والسابعة، غير المصوغة في تبادل الكلام، تتناول الصوم.

والثامنة، المكتوبة إلى راهب يُدعى نيقولاوس، تُعلِّم بأي الوسائل بالأخص يُهدَّأ الغضب والسخط أو يُبطَلان تماماً، وما معني الشهوة الجسدية. هذه المقالات الثماني، وإن كانت تختلف عن بعضها البعض بالدرجة، إلا أنها جميعاً ترشد إلى الفلسفة العملية.

أما التاسعة، المُحارِبة ضد الملكيصادقيين، فلا تقل في توبيخها لمن وَلَد هذه البدعة كمذنب ببدعة ليست بالهينة.

ومع ذلك، لمن يرغب في البحث عن المنفعة من كل مكان، لن تكون قراءة هذا بلا فائدة له. إن ترتيب المقالات المذكورة لا تحفظه جميع المخطوطات بنفس الشكل، بل بعضها يُقدِّم ما يُؤخِّره البعض الآخر، حتى أن بعضها يُعطي المكان الأخير للأوائل

فوتيوس، المكتبة (Μυριόβιβλος)، الفصل ٢٠٠ (مرقس الراهب) 11


كتابات القديس مرقس الناسك

بالإضافة إلى الأعمال التسعة التي ذكرها فوتيوس، نُضيف إليها أيضاَ الرساله ضد النسطوريين التي نُشرت مؤخرًا، فتكون جميع كتابات هذا القديس كما يلي:

  • في الناموس الروحي
  • في الذين يظنون أنهم يتبررون بالأعمال
  • في التوبة
  • في المعمودية
  • إلى نيقولاوس في الامتناع عن الغضب والشهوة
  • مناقشة ضد أحد العلماء (في عدم الظهور أمام المحاكم المدنية وفي البتولية)
  • مشاورة النفس مع ذاتها (في توبيخها لأنها تُلقي باللوم على آدم والشيطان والناس بدل أن تلوم نفسها)
  • في الصوم والتواضع
  • في ملكيصادق (ضد القائلين بأن ملكيصادق كان ظهورًا لكلمة الله)
  • ضد النسطوريين

الهرطقات التي يحاول الرد عليها

  • الماسليانية (الإيوخيتية): بدعة ظهرت في أواخر القرن الرابع الميلادي، نحو سنة ٣٧٠ م تقريبًا. ترى أن الصلاة وحدها تكفي للخلاص وأن النعمة الإلهية ينالها الإنسان بالممارسة الروحية دون الأسرار الكنسية.

  • النسطورية: بدعة ظهرت في أوائل القرن الخامس الميلادي تُنسب إلى نسطور، تؤكد على التمييز بين طبيعتي المسيح الإنسانية والإلهية، وتعلّم أن يسوع المسيح موجود كشخصين منفصلين (إلهي وإنساني) بدلاً من شخص واحد.

عن الترجمة

هذه الترجمة هي من ضعفي لأقوال القديس مرقس الناسك تحت عنوان “في أولئك الذين يظنون أنهم يتبررون بالأعمال” كما جائت في كتاب الفيلوكاليا. تُرجمت عن النص الإنجليزي 12


النص: في أولئك الذين يظنون أنهم يتبررون بالأعمال: مئتان وستة وعشرون نصاً 12

١. في النصوص التالية، ستُدحض معتقدات المخطئين بواسطة أولئك الذين إيمانهم راسخ ويعرفون الحق.

٢. رغبة في إظهار أن إتمام كل وصية هو واجب، بينما البنوة هبة 13 تُعطى للناس من خلال دمه، قال الرب: “متى فعلتم كل ما أُمرتم به فقولوا: إننا عبيد بطالون، إنما عملنا ما كان يجب علينا” (لو ١٧: ١٠). وهكذا فإن ملكوت السماوات ليست مكافأة للأعمال، بل هبة نعمة أعدها السيد لعبيده الأمناء.

٣. العبد لا يطالب بحريته كمكافأة؛ بل يقدم الإرضاء كمَن عليه دين، ويتلقى الحرية كهبة 13.

٤. “المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب” (١كو ١٥: ٣)؛ وللذين يخدمونه بإحسان يعطي الحرية. “نِعِمَّا أيها العبد الصالح والأمين”، يقول، “كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير، ادخل إلى فرح سيدك” (مت ٢٥: ٢١).

٥. من يعتمد على المعرفة النظرية وحدها ليس بعد عبداً أميناً: العبد الأمين هو من يُعبر عن إيمانه بالمسيح من خلال طاعة وصاياه.

٦. من يكرم الرب يفعل ما يأمر به الرب. وحين يخطئ أو يعصي، يقبل بصبر ما يأتي كشيء يستحقه.

٧. إن كنت تحب المعرفة الحقة، فكرس نفسك للحياة النسكية 14؛ لأن المعرفة النظرية المجردة تنفخ الإنسان (راجع ١كو ٨: ١).

٨. التجارب غير المتوقعة يرسلها الله لتعلمنا ممارسة الحياة النسكية 14؛ وتقودنا إلى التوبة حتى لو كنا مترددين.

٩. الآلام التي تأتينا هي نتيجة خطايانا. لكن إن قبلناها بصبر من خلال الصلاة، سنجد البركات مرة أخرى.

١٠. بعض الناس عندما يُمدحون على فضيلتهم يفرحون، وينسبون هذا الشعور السار بتقدير الذات إلى النعمة. آخرون عندما يُوبخون على خطاياهم يتألمون، ويخطئون في اعتبار هذا الألم المفيد عمل الخطيئة.

١١. أولئك الذين، بسبب صرامة ممارستهم النسكية، يحتقرون الأقل غيرة، يظنون أنهم يتبررون بالأعمال الجسدية. لكننا أكثر حماقة إن اعتمدنا على المعرفة النظرية واحتقرنا الجهلاء.

١٢. حتى لو كانت المعرفة صحيحة، فهي ليست راسخة بقوة إن لم تقترن بالأعمال. لأن كل شيء يثبت بوضعه موضع التطبيق.

١٣. غالباً ما تظلم معرفتنا بسبب فشلنا في وضع الأشياء موضع التطبيق. لأنه عندما نهمل تماماً ممارسة شيء ما، فإن ذاكرتنا له تختفي تدريجياً.

١٤. لهذا السبب يحثنا الكتاب على اكتساب معرفة الله، حتى نخدمه بحق من خلال أعمالنا.

١٥. عندما نتمم الوصايا في أعمالنا الخارجية، نتلقى من الرب ما هو مناسب؛ لكن أي منفعة حقيقية نكسبها تعتمد على نيتنا الداخلية.

١٦. إن أردنا أن نفعل شيئاً ولكن لا نستطيع، فأمام الله الذي يعرف قلوبنا، فكأننا قد فعلناه. هذا صحيح سواء كان العمل المقصود خيراً أم شراً.

١٧. العقل يفعل أشياء كثيرة خيرة وشريرة بدون الجسد، بينما الجسد لا يستطيع أن يفعل خيراً أو شراً بدون العقل. هذا لأن ناموس الحرية ينطبق على ما يحدث قبل أن نتصرف.

١٨. بعضهم دون إتمام الوصايا يظنون أنهم يملكون الإيمان الحق. آخرون يتممون الوصايا ثم يتوقعون الملكوت كمكافأة مستحقة لهم. كلاهما مخطئ.

١٩. السيد ليس ملزماً بمكافأة عبيده؛ ومن ناحية أخرى، الذين لا يخدمونه بإحسان لا يُعطون حريتهم.

٢٠. إن “مات المسيح لأجلنا حسب الكتب” (رو ٥: ٨؛ ١كو ١٥: ٣)، ونحن لا “نعيش لأنفسنا”، بل “للذي مات وقام” لأجلنا (٢كو ٥: ١٥)، فواضح أننا مدينون للمسيح أن نخدمه حتى موتنا. فكيف إذن يمكننا أن نعتبر البنوة شيئاً من حقنا؟

٢١. المسيح سيد بحكم جوهره الذاتي وسيد بحكم حياته المتجسدة. لأنه يخلق الإنسان من العدم، ومن خلال دمه الخاص يفديه عندما يموت في الخطيئة؛ وللذين يؤمنون به أَعطى نعمته.

٢٢. عندما يقول الكتاب “سيجازي كل إنسان حسب أعماله” (مت ١٦: ٢٧)، لا تتخيل أن الأعمال في حد ذاتها تستحق الجحيم أو الملكوت. بل على العكس، المسيح يجازي كل إنسان حسب ما إذا كانت أعماله مفعولة بإيمان أو بدون إيمان به؛ وهو ليس تاجراً مقيداً بعقد، بل إلهنا خالقنا وفادينا.

٢٣. نحن الذين نلنا المعمودية نقدم الأعمال الصالحة، ليس كسداد، بل للمحافظة على النقاوة المعطاة لنا.

٢٤. كل عمل صالح نؤديه من خلال قوانا الطبيعية يجعلنا نمتنع عن الخطيئة المقابلة؛ لكن بدون النعمة لا يمكنه أن يساهم في قداستنا.

٢٥. المنضبطون يمتنعون عن الشراهة؛ الذين تخلوا عن الممتلكات، عن الطمع؛ الهادئون، عن كثرة الكلام؛ الأطهار، عن التساهل الذاتي؛ المتواضعون، عن عدم العفة؛ المعتمدون على الذات، عن البخل؛ الودعاء، عن الانفعال؛ المتواضعون، عن تقدير الذات؛ المطيعون، عن الخصام؛ المنتقدون لذواتهم، عن الرياء. وبالمثل، الذين يصلون محميون من اليأس؛ الفقراء، من امتلاك كثير من الممتلكات؛ معترفو الإيمان، من إنكاره؛ الشهداء، من عبادة الأوثان. هل ترى كيف أن كل فضيلة تُمارس حتى الموت ليست سوى الامتناع عن الخطيئة؟ الآن الامتناع عن الخطيئة عمل ضمن قوانا الطبيعية، لكنه ليس شيئاً يشتري لنا الملكوت.

٢٦. بينما الإنسان بالكاد يستطيع أن يحفظ ما يخصه بطبيعته، المسيح يعطي نعمة البنوة من خلال الصليب.

٢٧. بعض الوصايا محددة، وأخرى شاملة. هكذا يأمرنا المسيح تحديداً أن “نشارك من ليس له” (لو ٣: ١١)؛ ويعطينا أمراً شاملاً أن نترك كل ما لنا (راجع لو ١٤: ٣٣).

٢٨. هناك طاقة نعمة لا يفهمها المبتدئون، وهناك أيضاً طاقة شر تشبه الحق. من المستحسن عدم فحص هذه الطاقات عن كثب، لأن المرء قد يضل، وعدم إدانتها من البداية، لأنها قد تحتوي على بعض الحق؛ لكن يجب أن نضع كل شيء أمام الله برجاء، لأنه يعرف ما هو ذو قيمة في كليهما.

٢٩. من يريد عبور البحر الروحي يكون طويل الأناة، متواضعاً، يقظاً ومنضبطاً. إن شرع فيه باندفاع بدون هذه الفضائل الأربع، يُثير قلبه، لكن لا يستطيع العبور.

٣٠. السكون يساعدنا بجعل الشر غير فعال. إن أخذ (السكون) لنفسه أيضاً هذه الفضائل الأربع في الصلاة، فهي تعطيه الدعم الأكثر مباشرة في بلوغ انعدام الهوى.

٣١. الذهن لا يمكن أن يسكن إلا إذا سكن الجسد أيضاً؛ والحائط بينهما لا يمكن هدمه بدون السكون والصلاة.

٣٢. الجسد بشهوته يقاوم الروح، والروح تقاوم الجسد، والذين يعيشون بالروح لن يتمموا شهوة الجسد (راجع غل ٥: ١٥-١٧).

٣٣. لا توجد صلاة كاملة إلا إذا دعا الذهن الله؛ وعندما يصرخ فكرنا بصوت عالٍ بدون إلهاء، فإن الرب سيستمع.

٣٤. عندما يصلي الذهن بدون إلهاء يحزن القلب؛ و"القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز ٥١: ١٧).

٣٥. الصلاة تُدعى فضيلة، لكن في الواقع هي أم الفضائل: لأنها تلدهم من خلال الاتحاد بالمسيح.

٣٦. مهما فعلنا بدون صلاة وبدون رجاء في الله يتبين بعد ذلك أنه ضار ومعيب.

٣٧. كلمات المسيح أن “الأولين يكونون آخرين، والآخرين أولين” (مت ١٩: ٣٠) تشير إلى الذين يشتركون في الفضائل والذين يشتركون في المحبة. لأن المحبة هي آخر الفضائل التي تولد في القلب، لكنها الأولى في القيمة، بحيث أن المولودين قبلها يصبحون “الآخرين”.

٣٨. إن كنت كسلاناً عندما تصلي أو مبتلى بأشكال مختلفة من الشر، تذكر موتك وعذابات الجحيم. لكن الأفضل أن تتعلق بالله من خلال الرجاء والصلاة من أن تفكر في الأشياء الخارجية، حتى لو كانت مثل هذه الأفكار مفيدة.

٣٩. لا فضيلة واحدة بحد ذاتها تفتح باب طبيعتنا؛ بل يجب أن تترابط جميع الفضائل بالتسلسل الصحيح.

٤٠. من يكون عقله مليئاً بالأفكار يفتقر إلى ضبط النفس؛ وحتى عندما تكون مفيدة، فإن الرجاء أفضل.

٤١. هناك خطيئة هي دائماً “للموت” (١يو ٥: ١٦): الخطيئة التي لا نتوب عنها. لهذه الخطيئة حتى صلوات القديس لن تُستجاب.

٤٢. من يتوب بحق لا يتخيل أن جهده الخاص يمحو خطاياه السابقة؛ بل من خلال هذا الجهد يصنع سلامه مع الله.

٤٣. إن كنا ملزمين بأداء جميع الأعمال الصالحة التي طبيعتنا قادرة عليها يومياً، فماذا تبقى لدينا لنعطيه لله كسداد لخطايانا الماضية؟

٤٤. مهما عظمت أعمالنا الفاضلة اليوم، فهي لا تكافئ بل تدين إهمالنا الماضي.

٤٥. من يعاني ضيقاً في ذهنه لكن يسترخي جسدياً هو كمن يعاني ضيقاً في جسده بينما يسمح لعقله بأن يتشتت.

٤٦. الضيق الإرادي في أحد هذين الجزئين من طبيعتنا ينفع الآخر: المعاناة بالعقل تنفع الجسد، والمعاناة بالجسد تنفع العقل. عندما لا يكون عقلنا وجسدنا في وحدة، تتدهور حالتنا.

٤٧. فضيلة عظيمة أن نقبل بصبر ما يأتي وأن نحب، كما يأمر الرب، قريباً يبغضنا.

٤٨. علامة المحبة الصادقة هي أن نغفر الأخطاء المرتكبة ضدنا. بمثل هذه المحبة أحب الرب العالم.

٤٩. لا نستطيع بكل قلبنا أن نغفر لمن يخطئ إلينا إلا إذا امتلكنا المعرفة الحقيقية. لأن هذه المعرفة تُظهر لنا أننا نستحق كل ما نختبره.

٥٠. لن تفقد شيئاً مما تخليت عنه لأجل الرب. لأنه في وقته سيعود إليك مضاعفاً كثيراً.

٥١. عندما ينسى العقل غرض التكريس الحق، فإن الأعمال الخارجية للفضيلة لا تأتي بربح.

٥٢. إن كان الحكم الضعيف ضاراً للجميع، فهو كذلك بصفة خاصة للذين يعيشون بصرامة عظيمة.

٥٣. تفلسف بأعمالك حول إرادة الإنسان وجزاء الله. لأن كلماتك حكيمة ومربحة بقدر أعمالك فقط.

٥٤. الذين يتألمون من أجل التكريس الحق ينالون معونة. هذا يجب أن يتم تَعلُّمه من خلال طاعة ناموس الله وضميرنا.

٥٥. رجل تلقى فكرة وقبلها بدون فحص. آخر تلقى فكرة واختبر صحتها. أيهما تصرف بتوقير أعظم؟

٥٦. المعرفة الحقيقية هي أن نقبل الضيق بصبر وألا نلوم الآخرين على مصائبنا.

٥٧. من يفعل شيئاً صالحاً ويتوقع مكافأة فهو لا يخدم الله بل إرادته الخاصة.

٥٨. الخاطئ لا يستطيع الهروب من الجزاء إلا من خلال التوبة المناسبة لجرمه.

٥٩. هناك من يدعون أننا لا نستطيع أن نفعل خيراً إلا إذا نلنا بفعالية نعمة الروح.

٦٠. الذين يميلون دائماً بالاختيار إلى الملذات الحسية يمتنعون عن فعل ما يكمن في قدرتهم بحجة أنهم يفتقرون إلى المعونة.

٦١. النعمة أُعطيت سرياً للذين اعتمدوا في المسيح؛ وتصبح فعالة فيهم بقدر ما يحفظون الوصايا بفعالية. النعمة لا تكف أبداً عن معونتنا سراً؛ لكن فعل الخير - بقدر ما يكمن في قدرتنا - يعتمد علينا.

٦٢. في البداية توقظ النعمة الضمير بطريقة إلهية. هكذا حتى الخطاة جاؤوا إلى التوبة وهكذا انسجموا مع إرادة الله.

٦٣. مرة أخرى، قد تُستدعى النعمة في المشورة المعطاة من قريب. وأحياناً تصاحب أيضاً فهمنا أثناء القراءة، وكنتيجة طبيعية تعلم عقلنا الحق عن نفسه. فإذن، إن لم نخف الوزنة المعطاة لنا بهذه الطريقة، فسندخل بفعالية إلى فرح الرب.

٦٤. من يطلب طاقات الروح، قبل أن يحفظ الوصايا بفعالية، هو كمن يبيع نفسه للعبودية والذي، حالما يُشترى، يطلب أن يُعطى حريته بينما لا يزال يحتفظ بثمن شرائه.

٦٥. عندما تجد أن الأحداث الخارجية تأتي إليك من خلال عدل الله، فإنك في بحثك عن الرب تجد “المعرفة الروحية والعدالة” (راجع أم ١٦: ٨ السبعينية).

٦٦. حالما تدرك أن أحكام الرب “في كل الأرض” (١أخ ١٦: ١٤)، فإن كل ما يحدث لك سيعلمك معرفة الله.

٦٧. كل واحد ينال ما يستحقه وفقاً لحالته الداخلية. لكن الله وحده يفهم الطرق المختلفة الكثيرة التي يحدث بها هذا.

٦٨. عندما تعاني بعض الإهانة من الناس، اعرف حالاً المجد الذي سيُعطى لك من الله. عندها لن تحزن أو تنزعج من الإهانة؛ وعندما تتلقى المجد ستبقى ثابتاً وبريئاً.

٦٩. عندما يسمح الله أن تُمدح، لا تصبح متفاخراً بسبب هذه العناية الإلهية، لئلا تسقط حينئذ في الإهانة.

٧٠. البذرة لن تنمو بدون تراب وماء؛ والإنسان لن ينمو بدون ألم اختياري ومعونة إلهية.

٧١. المطر لا يمكن أن يسقط بدون غيمة، ونحن لا نستطيع أن نُرضي الله بدون ضمير صالح.

٧٢. لا ترفض أن تتعلم، حتى لو كنت ذكياً جداً. لأن ما يوفره الله له قيمة أكثر من ذكائنا الخاص.

٧٣. عندما ينحرف القلب عن الطريق النسكي من خلال لذة حسية ما، يصبح من الصعب السيطرة عليه، كحجر ثقيل انزلق على أرض منحدرة.

٧٤. كعجل صغير، في بحثه عن المرعى، يجد نفسه على حافة محاطة بالمنحدرات، هكذا تُقاد النفس تدريجياً إلى الضلال بأفكارها.

٧٥. عندما يخطف العقل، بعد أن نما إلى النضج الكامل في الرب، النفس من الانشغال المستمر الطويل، يعاني القلب عذابات كما لو كان على آلة التعذيب، حيث أن العقل والهوى يجذبانه في اتجاهين متضادين.

٧٦. كما أن البحارة، راجين الربح، يتحملون بسرور حرارة الشمس المحرقة، هكذا الذين يبغضون الشر يقبلون التوبيخ بسرور. لأن الأولين يصارعون الرياح، والآخرين يصارعون الأهواء.

٧٧. كما أن الهروب في الشتاء أو في يوم السبت (راجع مت ٢٤: ٢٠) يجلب ألماً للجسد ونجاسة للنفس، هكذا أيضاً نهوض الأهواء في جسد مُسن ونفس مكرسة.

٧٨. لا أحد صالح ورحيم مثل الرب. لكن حتى هو لا يغفر لغير التائب.

٧٩. كثيرون منا يشعرون بالندم على خطايانا، ومع ذلك نقبل بسرور أسبابها.

٨٠. الخلد الذي يحفر في الأرض أعمى ولا يستطيع أن يرى النجوم؛ ومن لا يثق بالله في الأمور الزمنية لن يثق به في الأمور الأبدية.

٨١. المعرفة الحقيقية أُعطيت للناس من الله كنعمة تسبق ملء النعمة؛ تعلم الذين يشتركون فيها أن يؤمنوا قبل كل شيء بالمعطي.

٨٢. عندما لا تقبل النفس الخاطئة الآلام التي تأتي إليها، تقول الملائكة: “كنا سنشفي بابل، لكنها لم تُشف” (إر ٥١: ٩).

٨٣. عندما ينسى العقل المعرفة الحقيقية، يحارب مع الناس من أجل أشياء ضارة كأنها مفيدة.

٨٤. النار لا تستطيع أن تدوم طويلاً في الماء، ولا الفكر المخزي في قلب يحب الله. لأن كل إنسان يحب الله يتألم بسرور، والألم الاختياري بطبيعته عدو للذة الحسية.

٨٥. الهوى الذي نسمح له أن ينشط فينا باختيارنا يفرض نفسه علينا بعد ذلك رغماً عن إرادتنا.

٨٦. لدينا محبة لأسباب الأفكار اللاإرادية، ولهذا تأتي. في حالة الأفكار الإرادية لدينا بوضوح محبة ليس فقط للأسباب بل أيضاً للأشياء التي تتعلق بها.

٨٧. الادعاء والتفاخر أسباب للتجديف. البخل وتقدير الذات أسباب للقسوة والرياء.

٨٨. عندما يرى الشيطان أن الذهن صلى من القلب، يشن هجوماً قوياً بتجارب خفية؛ لكنه لا يهتم بتدمير الفضائل الأقل بمثل هذه الهجمات القوية.

٨٩. عندما يبقى فكر داخل الإنسان، هذا يدل على تعلقه به؛ لكن عندما يُدمر بسرعة، هذا يدل على معارضته وعدائه له.

٩٠. الذهن يتغير من واحدة إلى أخرى من ثلاث حالات مختلفة: وفقاً للطبيعة، وفوق الطبيعة، وضد الطبيعة. عندما يدخل الحالة وفقاً للطبيعة، يجد أنه هو نفسه سبب الأفكار الشريرة، ويعترف بخطاياه لله، فاهماً بوضوح أسباب الأهواء. عندما يكون في الحالة ضد الطبيعة، ينسى عدل الله ويحارب مع الناس، معتقداً أنه يُعامل بظلم. لكن عندما يُرفع إلى الحالة فوق الطبيعة، يجد ثمار الروح القدس: المحبة، الفرح، السلام والثمار الأخرى التي يتكلم عنها الرسول (راجع غل ٥: ٢٢)؛ ويعرف أنه إن أعطى أولوية للاهتمامات الجسدية لا يستطيع أن يبقى في هذه الحالة. العقل الذي يخرج من هذه الحالة يسقط في الخطيئة وكل العواقب الرهيبة للخطيئة - إن لم يكن حالاً، فعندئذ في الوقت المناسب، كما يقرر عدل الله.

٩١. معرفة كل إنسان حقيقية بقدر ما تُؤكد بالوداعة والتواضع والمحبة.

٩٢. كل من اعتمد بالطريقة الأرثوذكسية نال سرياً ملء النعمة؛ لكنه يصبح واعياً لهذه النعمة فقط بقدر ما يحفظ الوصايا بفعالية.

٩٣. إن أتممنا وصايا المسيح حسب ضميرنا، ننتعش روحياً بقدر ما نتألم في قلبنا. لكن كل شيء يأتي إلينا في الوقت المناسب.

٩٤. صل بإصرار حول كل شيء، وعندها لن تفعل شيئاً أبداً بدون معونة الله.

٩٥. لا شيء أقوى من الصلاة في عملها، ولا شيء أكثر فعالية في كسب رضى الله.

٩٦. الصلاة تشمل الإتمام الكامل للوصايا؛ لأنه لا يوجد شيء أعلى من محبة الله.

٩٧. الصلاة غير المشتتة علامة على محبة الله؛ لكن الصلاة المهملة أو المشتتة علامة على محبة اللذة.

٩٨. من يستطيع بدون إجهاد أن يسهر ويطيل الأناة ويصلي هو بوضوح شريك في الروح القدس. لكن من يشعر بالإجهاد أثناء فعل هذه الأشياء، ومع ذلك يتحملها طوعاً، ينال أيضاً معونة بسرعة.

٩٩. توجد وصية أعلى من أخرى؛ وبالتالي يوجد مستوى إيمان أكثر رسوخاً من آخر.

١٠٠. هناك إيمان “يأتي بالسمع” (رو ١٠: ١٧) وهناك إيمان هو “جوهر الأشياء المرجوة” (عب ١١: ١).

١٠١. من الجيد أن نساعد السائلين بالكلمات؛ لكن الأفضل أن نتعاون معهم من خلال الصلاة وممارسة الفضيلة. لأن من يقدم نفسه لله من خلال هذه، يساعد قريبه من خلال مساعدة نفسه.

١٠٢. إن كنت تريد بكلمات قليلة أن تنفع من هو متشوق للتعلم، تكلم معه عن الصلاة، والإيمان الصحيح، والقبول الصبور لما يأتي. لأن كل شيء آخر صالح يوجد من خلال هذه.

١٠٣. حالما نعهد برجائنا حول شيء ما إلى الله، لا نعود نتخاصم مع قريبنا حوله.

١٠٤. إن كان، كما يعلم الكتاب، كل شيء لاإرادي له سببه في ما هو إرادي، فليس للإنسان عدو أعظم من نفسه.

١٠٥. الأول بين كل الشرور هو الجهل؛ يليه نقص الإيمان.

١٠٦. اهرب من التجربة بالصبر والصلاة. إن قاومت التجربة بدون هذين، فهي تهاجمك بقوة أكبر فقط.

١٠٧. من هو وديع في نظر الله أحكم من الحكماء؛ ومن هو متواضع القلب أقوى من الأقوياء. لأنهم يحملون نير المسيح بمعرفة روحية.

١٠٨. كل ما نقوله أو نفعله بدون صلاة يتبين بعد ذلك أنه غير موثوق أو ضار، وهكذا يفضحنا بدون أن ندرك ذلك.

١٠٩. واحد فقط بار في الأعمال والكلمات والأفكار. لكن كثيرين يتبررون في الإيمان والنعمة والتوبة.

١١٠. من هو تائب لا يمكن أن يكون متكبراً، كما أن من يخطئ عمداً لا يمكن أن يكون متواضع الفكر.

١١١. التواضع يتكون، ليس في إدانة ضميرنا، بل في الاعتراف بنعمة الله ورحمته.

١١٢. ما البيت للهواء، كذلك العقل الروحي للنعمة الإلهية. كلما تخلصت من المادية أكثر، كلما دخل الهواء والنعمة من تلقاء نفسهما؛ وكلما زدت المادية، كلما ابتعدا أكثر.

١١٣. المادية في حالة البيت تتكون من الأثاث والطعام. المادية في حالة العقل هي تقدير الذات واللذة الحسية.

١١٤. السعة في القلب تدل على الرجاء في الله؛ الازدحام يدل على الاهتمام الجسدي.

١١٥. نعمة الروح واحدة وغير متغيرة، لكنها تعمل في كل واحد منا كما تشاء (راجع ١كو ١٢: ١١).

١١٦. عندما يسقط المطر على الأرض، يعطي الحياة للخاصية المتأصلة في كل نبتة: الحلاوة في الحلو، القبض في القابض؛ وبالمثل، عندما تسقط النعمة على قلوب المؤمنين، تعطي لكل واحد الطاقات المناسبة للفضائل المختلفة دون أن تتغير هي نفسها.

١١٧. لمن يجوع للمسيح النعمة طعام؛ لمن يعطش، شراب منعش؛ لمن يبرد، ثوب؛ لمن يتعب، راحة؛ لمن يصلي، ثقة؛ لمن ينوح، تعزية.

١١٨. عندما تسمع الكتاب يقول عن الروح القدس أنه “استقر على كل واحد” من الرسل (أع ٢: ٣)، أو “حل على” النبي (١صم ١١: ٦)، أو “يعمل” (١كو ١٢: ١١)، أو “يُحزن” (أف ٤: ٣٠)، أو “يُطفأ” (١تس ٥: ١٩)، أو “يُغاظ” (إش ٦٣: ١٠)، ومرة أخرى، أن بعضاً “لهم الباكورة” (رو ٨: ٢٣)، وأن آخرين “امتلأوا من الروح القدس” (أع ٢: ٤)، لا تفترض أن الروح خاضع لنوع من التقسيم أو التغير أو التبدل؛ بل تأكد أنه، بالطريقة التي وصفناها، غير متغير وغير متبدل وكلي القدرة. لذلك في جميع أعماله يبقى ما هو، وبطريقة إلهية يعطي كل شخص ما يحتاجه. على الذين اعتمدوا يسكب نفسه في ملئه كالشمس. كل واحد منا ينار منه بقدر ما يبغض الأهواء التي تظلمنا ويتخلص منها. لكن بقدر ما لدينا محبة لها(الأهواء) ونسكن فيها، نبقى في الظلمة.

١١٩. من يبغض الأهواء يتخلص من أسبابها. لكن من ينجذب لأسبابها تهاجمه الأهواء حتى لو لم يرد ذلك.

١٢٠. عندما تنشط الأفكار الشريرة فينا، يجب أن نلوم أنفسنا وليس الخطيئة الجدية.

١٢١. جذور الأفكار الشريرة هي الرذائل الواضحة، التي نستمر في محاولة تبريرها في كلماتنا وأفعالنا.

١٢٢. لا نستطيع أن نحتضن هوى في عقلنا إلا إذا كان لدينا محبة لأسبابه.

١٢٣. لأي إنسان، لا يبالي بأن يُوضع في خزي، يحتضن أفكار تقدير الذات؟ أو من يرحب بالاحتقار ومع ذلك ينزعج من الإهانة؟ ومن له “قلب منكسر ومنسحق” (مز ٥١: ١٧) ومع ذلك ينغمس في اللذة الجسدية؟ أو من يضع ثقته في المسيح ومع ذلك يقلق أو يتخاصم حول الأشياء الفانية؟

١٢٤. إن عومل إنسان بالاحتقار من قِبل أحد ولكن لم يرد بالغضب في القول أو الفكر، فهذا يظهر أنه اقتنى معرفة حقيقية وإيماناً راسخاً في الرب.

١٢٥. “بنو البشر كاذبون، ويغشون بموازينهم” (مز ٦٢: ٩ السبعينية)، لكن الله يحدد لكل واحد ما هو عادل.

١٢٦. إن كان المجرم لن يحتفظ بمكاسبه إلى الأبد وضحيته لن يعاني العوز دائماً، “حقاً الإنسان يعبر كالظل ويضطرب باطلاً” (مز ٣٩: ٦ السبعينية).

١٢٧. عندما ترى أحداً يعاني عاراً عظيمة، فتأكد أنه انجرف بأفكار تقدير الذات وهو الآن يحصد، لاستيائه الشديد، الحصاد من البذور التي زرعها في قلبه.

١٢٨. من يتمتع باللذات الجسدية أكثر من الحد المناسب سيدفع ثمن الزيادة مئة ضعف في الآلام.

١٢٩. الإنسان الذي يمارس السلطة يجب أن يخبر مرؤوسه بواجبه؛ وإن عُصي، يجب أن ينذره بالعواقب الشريرة.

١٣٠. من يعاني الظلم ولا يطالب بأي تعويض من الرجل الذي ظلمه، يثق بالمسيح أن يعوض الخسارة؛ ويُكافأ مئة ضعف في هذا العالم ويرث الحياة الأبدية (راجع مر ١٠: ٣٠).

١٣١. ذكر الله هو ألم القلب المُحتمل بروح التكريس. لكن من ينسى الله يصبح منغمساً في الذات وغير حساس.

١٣٢. لا تقل أن الإنسان غير المتأثر لا يمكن أن يعاني الضيق؛ لأنه حتى لو لم يعانِ لحساب نفسه، فهو معرض للقيام بذلك لحساب قريبه.

١٣٣. عندما يسجل العدو ضد إنسان خطايا كثيرة منسية، يجبر مدينه على تذكرها في الذاكرة، مستفيداً استفادة كاملة من “ناموس الخطيئة” (راجع رو ٨: ٢).

١٣٤. إن كنت تريد أن تتذكر الله بلا انقطاع، فلا ترفض كغير مستحق ما يحدث لك، بل اقبله بصبر كحقك. لأن القبول الصبور لما يحدث يوقد ذكر الله، بينما رفض القبول يضعف الهدف الروحي للقلب وهكذا يجعله نسياناً.

١٣٥. إن كنت تريد خطاياك أن “تُستر” من قِبل الرب (راجع مز ٣٢: ١)، فلا تعرض فضائلك على الآخرين. لأنه مهما فعلنا بفضائلنا، سيفعل الله أيضاً بخطايانا.

١٣٦. بعد أن أخفيت فضيلتك، لا تمتلئ بالكبرياء، متخيلاً أنك حققت البر. لأن البر ليس فقط إخفاء أعمالك الصالحة، بل أيضاً ألا تفكر أبداً أفكاراً محرمة.

١٣٧. افرح، ليس عندما تفعل خيراً لأحد، بل عندما تتحمل بلا ضغينة العداوة التي تتبع. لأنه كما يتبع الليل النهار، هكذا تتبع أفعال الخبث أفعال اللطف.

١٣٨. أعمال اللطف والسخاء تُفسد بتقدير الذات والدناءة واللذة، إلا إذا دُمرت هذه أولاً بمخافة الله.

١٣٩. رحمة الله مخفية في آلام ليست من اختيارنا؛ وإن قبلنا مثل هذه الآلام بصبر، فإنها تقودنا إلى التوبة وتنقذنا من العقاب الأبدي.

١٤٠. بعضهم، عندما يحفظون الوصايا بفعالية، يتوقعون أن يفوق هذا خطاياهم؛ آخرون، الذين يحفظون الوصايا بدون هذا الادعاء، ينالون نعمة الذي مات من أجل خطايانا. يجب أن نعتبر أيهما صحيح.

١٤١. خوف الجحيم ومحبة ملكوت الله يمكناننا من قبول الضيق بصبر؛ وهما يفعلان هذا، ليس بأنفسهما، بل من خلال الذي يعرف أفكارنا.

١٤٢. من يؤمن ببركات العالم الآتي يمتنع من تلقاء نفسه عن ملذات هذا العالم الحاضر. لكن من يفتقر إلى مثل هذا الإيمان يصبح محباً للذة وغير حساس.

١٤٣. لا تسأل كيف يمكن للفقير أن يكون منغمساً في الذات عندما يفتقر إلى الوسائل المادية. لأنه من الممكن أن يكون منغمساً في الذات بطريقة أكثر احتقاراً من خلال أفكاره.

١٤٤. معرفة الكائنات المخلوقة شيء، ومعرفة الحق الإلهي شيء آخر. الثانية تفوق الأولى كما تفوق الشمس القمر.

١٤٥. معرفة الكائنات المخلوقة تزيد كلما حفظنا الوصايا بفعالية؛ لكن معرفة الحق تنمو كلما رجونا في المسيح أكثر.

١٤٦. إن كنت تريد أن تخلص و"تأتي إلى معرفة الحق" (١تي ٢: ٤)، فاسع دائماً لتتجاوز الأشياء الحسية، ومن خلال الرجاء وحده تعلق بالله. عندها ستجد رياسات وسلاطين يحاربون ضدك (راجع أف ٦: ١٢)، يحرفونك رغماً عنك ويستفزونك للخطيئة. لكن إن غلبتهم من خلال الصلاة وحافظت على رجائك، ستنال نعمة الله، وهذه ستنقذك من الغضب الآتي.

١٤٧. إن فهمت ما قاله القديس بولس بمعنى سري، أننا “نصارع… ضد الشر الروحي” (أف ٦: ١٢)، ستفهم أيضاً مثل الرب، الذي تكلم به “لهذا الغرض، أن الناس ينبغي لهم أن يصلوا كل حين ولا يملوا” (لو ١٨: ١).

١٤٨. الناموس يأمر الناس رمزياً أن يعملوا ستة أيام وفي السابع يستريحوا (راجع خر ٢٠: ٩-١٠). مصطلح “العمل” عند تطبيقه على النفس يعني أعمال اللطف والسخاء بوسائل ممتلكاتنا - أي، من خلال الأشياء المادية. لكن راحة النفس وسكونها هو أن تبيع كل شيء و"تعطي الفقراء" (مت ١٩: ٢١)، كما قال المسيح نفسه؛ فمن خلال فقدان ممتلكاتها ستستريح من عملها وتكرس نفسها للرجاء الروحي. مثل هذه هي الراحة التي يحثنا بولس أيضاً على الدخول إليها، قائلاً: “فلنجتهد أن ندخل تلك الراحة” (عب ٤: ١١).

١٤٩. في قولنا هذا لسنا ننسى بركات الحياة الآتية أو نحدد المكافأة الشاملة بالحياة الحاضرة. نؤكد ببساطة أنه ضروري في المقام الأول أن تكون لدينا نعمة الروح القدس تعمل في القلب وهكذا، بتناسب مع هذا العمل، ندخل إلى ملكوت السماوات. الرب وضح هذا بقوله: “ملكوت السماوات داخلكم” (راجع لو ١٧: ٢١). الرسول، أيضاً، قال الشيء نفسه: “الإيمان هو جوهر الأشياء المرجوة” (عب ١١: ١)؛ “اركضوا لكي تدركوا” (١كو ٩: ٢٤)؛ “امتحنوا أنفسكم هل أنتم في الإيمان… ألستم تعرفون أنفسكم أن يسوع المسيح فيكم إن لم تكونوا مرفوضين” (٢كو ١٣: ٥).

١٥٠. من جاء لمعرفة الحق لا يقاوم الضيقات التي تحل به، لأنه يعرف أنها تقوده إلى مخافة الله.

١٥١. إنَّ استرجاع الخطايا الماضية بتفصيلٍ يُلحق الأذى بالإنسان الذي يضع رجاءه في الله. لأنَّه إن تذكَّرها مع ندمٍ تحرمه من الرجاء، وإن صوَّرها لنفسه بلا ندمٍ، تنجِّسه مرَّةً أخرى بالدَّنس القديم.

١٥٢. عندما يبلغ الذهن من خلال رفض الأهواء إلى رجاء لا يتزعزع، عندها يجعله العدو يتصور خطاياه الماضية بحجة الاعتراف بها لله. هكذا يحاول إعادة إيقاد أهواء نُسيت بنعمة الله، وهكذا يلحق الأذى سراً. وحينئذٍ، حتى لو كان أحد مستنيراً ويبغض الأهواء، سيمتلئ حتماً بالظلمة والاضطراب عند ذكر ما فعله. لكن إن كان لا يزال غارقًا في الغفلة ومحبَّة الذات، فسوف يتساهل مع إغراءات العدو ويُسلِّي نفسه بها تحت سلطان الهوى، حتى يصير هذا التذكُّر استحواذًا لا اعترافًا.

١٥٣. إذا أردت أن تقدم اعترافاً بلا لوم لله، فلا تُفصِّل زلّاتك الماضية، بل قاوم بثبات هجماتها المتجدِّدة.

١٥٤. التجارب تأتي علينا بسبب خطايانا السابقة، حاملةً ما يناسب كل ذنب منها.

١٥٥. الإنسان الذي يملك المعرفة الروحية ويفهم الحق يعترف لله، ليس بتذكر ما فعله، بل بقبول ما يأتي بصبر.

١٥٦. إذا رفضت قبول احتمال الألم (المعاناة) والمهانة (العار)، فلا تدّعِ أنك في حالة توبة بسبب فضائلك الأخرى. لأن الاعتداد بالذات وغلظة القلب15 يمكن أن يخدما الخطية حتى تحت غطاء الفضيلة.

١٥٧. كما أن الألم والمهانة عادة تلد الفضائل، هكذا اللذة والاعتداد بالذات عادة تلد الرذائل.

١٥٨. كل لذة جسدية تنتج عن تراخٍ سابق، والتراخي ينتج عن نقص الإيمان.

١٥٩. الذي هو تحت سلطان الخطيئة لا يقدر أن يغلب شهوة16 الجسد بقوته الذاتية، لأنه يتعرَّض لإثارات مستمرة في جميع أعضائه.

١٦٠. الذين هم تحت سلطان الأهواء يجب أن يصلوا ويكونوا مطيعين. لأنهم حتى عندما ينالون المعونة، يمكنهم بالكاد أن يحاربوا ضد استحواذاتهم.

١٦١. الذي يسعى إلى قهر إرادته الذاتية بالطاعة والصلاة إنما يسلك طريقًا نسكيًا حكيمًا. فإن تخلِّيه عن الأمور الخارجية إنما يُظهِر جهاده الباطني.

١٦٢. من لا يجعل إرادته متوافقة مع إرادة الله يتعثَّر بمكائده الخاصة ويسقط في أيدي أعدائه.

١٦٣. حين ترى رجلَين شريرَين يتصادقان، فاعلَم أن كلًّا منهما يُعاوِن الآخر في شهواته.

١٦٤. المتكبِّر والمغرور يتوافقان بسرور؛ فالمتكبِّر يمدح المغرور الذي يتذلَّل له بخضوع، أمَّا المغرور فيُمجِّد المتكبِّر الذي يُثني عليه بلا انقطاع.

١٦٥. الإنسان الذي يحب الله ينتفع من المديح كما من اللوم: فإن مُدِحَ على أعماله الصالحة ازداد غيرة، وإن وُبِّخ على خطاياه انقاد إلى التوبة. فينبغي أن تكون حياتنا الخارجية متوافقة مع نمونا الداخلي، وصلواتنا لله منسجمة مع حياتنا.

١٦٦. من الجيد أن نتمسك بالوصية الرئيسية، وألا نقلق حول الأشياء الخاصة أو نصلي من أجلها تحديداً، بل نطلب الملكوت وكلمة الله فقط (راجع مت ٦: ٢٥-٣٣). لكن، إن كنا لا نزال قلقين حول احتياجاتنا الخاصة، يجب أن نصلي أيضاً من أجل كل واحد منها. من يفعل أو يخطط لأي شيء بدون صلاة لن ينجح في النهاية. وهذا ما قصده الرب عندما قال: “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً” (يو ١٥: ٥).

١٦٧. إذا تجاهل الإنسان الوصية المتعلقة بالصلاة، فإنه يرتكب بعد ذلك أعمال عصيان أسوأ، كل واحدة تسلمه إلى التالية مثل السجين.

١٦٨. من يقبل الضيقات الحاضرة توقعاً للبركات المستقبلية قد وجد معرفة الحق؛ وسيتحرر بسهولة من الغضب والندم.

١٦٩. ممن يختار سوء المعاملة والمهانة من أجل الحق إنما يسلك الطريق الرسولي؛ فقد حمل الصليب وقُيد بالسلاسل (راجع مت ١٦: ٢٤؛ أع ٢٨: ٢٠). أمَّا من يحاول جمع ذهنه في قلبه دون احتمال هذين الأمرين، يضل عقله عن الطريق ويسقط في تجارب ومصائد الشيطان.

١٧٠. في جهادنا النسكي لا يمكننا أن نتخلَّص من الأفكار الشريرة دون أسبابها، ولا من أسبابها دون الأفكار نفسها. فإن رفضنا الواحد دون الآخر، سرعان ما يجرُّنا الآخر إلى كليهما معًا.

١٧١. من يحارب ضد الآخرين خوفاً من المشقة أو التوبيخ إما سيعاني أقسى من خلال ما يحل به في هذه الحياة، أو سيُعاقب بلا رحمة في الحياة الآتية.

١٧٢. من أراد أن ينجو من جميع البلايا فليُشرك الله في كل شيء بالصلاة، وليضع رجاءه فيه بعقله، تاركًا – قدر المستطاع – كل اهتمام بأمور الحواس.

١٧٣. عندما يجد الشيطان إنسانًا منشغلاً عبثًا بأمور الجسد، فإنَّه أولًا يسلبه ثمار المعرفة الروحية التي اقتناها بجهد، ثم يقطع رجاءه في الله.

١٧٤. إذا بلغتَ حصن الصلاة النقيّة، فلا تقبَل معرفة المخلوقات 17 التي يعرضها عليك العدو في تلك اللحظة، لئلا تخسر ما هو أعظم. فإنَّه أفضل لك أن ترميه من فوق بسهام الصلاة وهو محبوس في أسفل، من أن تفاوضه فيما يقدّمه من معرفةٍ مسروقة ويحاول أن ينتزعك بها من الصلاة التي تهزمه.

١٧٥. معرفة المخلوقات 17 تُعين الإنسان في وقت التجربة والفتور، لكن في وقت الصلاة النقيّة غالبًا ما تكون مُضرّة.

١٧٦. إذا كانت مهمتك أن تعطي تعليماً روحياً وعُصيت، احزن داخلياً ولكن لا تنزعج خارجياً. فإذا حزنت، لن تشارك في ذنب الشخص الذي يعصيك؛ ولكن إذا انزعجت ستُختبر بنفس التجارب التي يُختبر بها.

١٧٧. عندما تشرح الأشياء، لا تخفِ ما هو مهم لاحتياجات الحاضرين. يجب أن تناقش بوضوح ما هو لائق، لكن تشير بوضوح أقل إلى ما هو صعب القبول.

١٧٨. إذا لم يكن أحد تحت طاعتك، فلا توبخه وجهًا لوجه على خطاياه، لأن ذلك يوحي بأن لك سلطة عليه، وليس مجرد تقديم نصيحة.

١٧٩. ما يُقال دون إشارة صريحة إلى أفراد بعينهم مفيد للجميع، فكل واحد يطبقه على نفسه بحسب ضميره.

١٨٠. من يتكلم بحق يجب أن يعرف أنه يتلقى الكلمات من الله. لأن الحق لا ينتمي لمن يتكلم، بل لله الذي يعمل فيه 18.

١٨١. لا تجادل مع أشخاص ليسوا تحت طاعتك عندما يعارضون الحق؛ وإلا قد تثير كراهيتهم.

١٨٢. إن استسلمت عندما يناقضك خطأً شخص تحت طاعتك، تضلله حول النقطة المطروحة وتشجعه أيضاً على رفض وعده بالطاعة.

١٨٣. من ينصح أو يصحح بخوف الله رجلاً أخطأ، ينال الفضيلة المضادة لتلك الخطيئة. لكن من يوبخه عن ضغينة وسوء نية يخضع لهوى مشابه، حسب الناموس الروحي.

١٨٤. من تعلم الناموس حقًّا يخاف واضع الناموس وإذ يخافه، يبتعد عن كل شر.

١٨٥. لا تكن ذو لسان مزدوج، تقول شيئًا فيما يقول ضميرك شيئًا آخر، فإن الكتاب يضع مثل هؤلاء تحت لعنة (انظر حكمة يشوع 28:13).

١٨٦. رجل يتكلم بالحق ويُكره لأجل ذلك من الحمقى؛ آخر يتكلم برياء ولهذا السبب يُحب. لكن في كلتا الحالتين مكافأتهما لا تتأخر طويلاً، لأنه في اللحظة المناسبة يجازي الرب كلاً منهما حسب استحقاقه.

١٨٧. من يرغب في تجنب المتاعب المستقبلية يجب أن يتحمل متاعبه الحاضرة بسرور. لأنه بهذه الطريقة، موازناً الواحدة بالأخرى، من خلال آلام صغيرة سيتجنب تلك التي هي عظيمة.

١٨٨. احرص على كلامك من التفاخر وعلى أفكارك من الغطرسة، وإلا فقد يتخلى عنك الله وتقع في الخطيئة. فالإنسان لا يستطيع فعل أي خير بدون معونة الله الذي يرى كل شيء.

١٨٩. الله، الذي يرى كل شيء، يجازي ليس فقط أعمالنا، بل أيضًا أفكارنا ونوايانا الطوعية على قدر قيمتها.

١٩٠. الأفكار غير الطوعية تنشأ عن خطايانا السابقة، أما الطوعية فتنشأ من إرادتنا الحرة. وهكذا تكون الأخيرة سببًا للأولى.

١٩١. الأفكار الشريرة التي تنشأ ضد إرادتنا يصاحبها الندم، فتزول سريعًا؛ أما تلك التي نختارها بحرية، فيصاحبها اللذة، لذلك يصعب التخلص منها.

١٩٢. المنغمسون في الذات يتضايقون من النقد والمشقة؛ أما الذين يحبون الله فيتضايقون من المدح والترف.

١٩٣. من لا يفهم أحكام الله يمشي على حافة كالسكين ويفقد توازنه بسهولة مع كل نسمة ريح. عندما يُمدح، يبتهج؛ وعندما يُنتقد، يشعر بالمرارة. عندما يتنعم، يتصرف كالخنزير؛ وعندما يعاني المشقة، يئن ويشكو. عندما يفهم، يتباهى؛ وعندما لا يفهم، يتظاهر بأنه يفهم. عندما يكون غنياً، يتفاخر؛ وعندما يكون في فقر، يتصرف بنفاق. عندما يشبع، يصبح وقحاً؛ وعندما يصوم، يصبح متكبراً. يخاصم من يوبخونه؛ ومن يغفرون له يعتبرهم حمقى.

١٩٤. ما لم يكتسب الإنسان، بنعمة المسيح، معرفة الحق وخوف الله، فإنه يُجرح بشدة ليس فقط بالأهواء بل أيضاً بالأحداث التي تصيبه.

١٩٥. عندما تريد حل مشكلة معقدة، اطلب مشيئة الله في الأمر، وستجد حلاً بناءً.

١٩٦. عندما يتوافق شيء مع مشيئة الله، فإن كل الخليقة تعينه. ولكن عندما يرفض الله شيئاً، فإن الخليقة أيضاً تعارضه.

١٩٧. من يعارض الأحداث المؤلمة يعارض أمر الله دون أن يدري. ولكن من يقبلها بمعرفة حقيقية، “ينتظر الرب بصبر” (مز ٢٧: ١٤).

١٩٨. عندما تُمتحن بتجربة، حاول أن تعرف ليس السبب أو من الذي جاء بها، بل كيفية احتمالها بشكر، دون ضيق أو حقد.

١٩٩. خطيئة الآخر لا تزيد على خطايانا، إلا إذا قبلناها نحن بأفكار شريرة.

٢٠٠. إذا كان من الصعب إيجاد من يطيع إرادة الله دون أن يُمتحن، فعلينا أن نحمد الله على كل ما يحدث لنا.

٢٠١. لو لم يفشل بطرس في صيد شيء أثناء الليل (راجع لو ٥: ٥)، لما كان صاد شيئاً أثناء النهار. ولو لم يعانِ بولس من العمى الجسدي (راجع أع ٩: ٨)، لما أُعطي البصيرة الروحية. ولو لم يُفترى على اسطفانوس كمجدف، لما رأى السماوات مفتوحة ونظر إلى الله (راجع أع ٦: ١٥؛ ٧: ٥٦).

٢٠٢. كما أن العمل وفقاً لله يُدعى فضيلة، كذلك البلاء غير المتوقع يُدعى اختباراً.

٢٠٣. الله “امتحن إبراهيم” (راجع تك ٢٢: ١-١٤)، أي أن الله أصابه بالبلاء لمنفعته، ليس لكي يعرف أي نوع من الرجال كان إبراهيم - لأنه عرفه، إذ يعرف كل الأشياء قبل أن تأتي إلى الوجود - بل لكي يوفر له فرصاً لإظهار الإيمان الكامل.

٢٠٤. كل بلاء يختبر إرادتنا، مظهراً ما إذا كانت ميالة إلى الخير أم الشر. لهذا السبب يُدعى البلاء غير المتوقع اختباراً، لأنه يمكّن الإنسان من اختبار رغباته الخفية.

٢٠٥. مخافة الله تدفعنا لمحاربة الشر؛ وعندما نحارب الشر، نعمة الله تدمره.

٢٠٦. الحكمة ليست فقط إدراك النتائج الطبيعية للأشياء، بل أيضاً قبول خبث من يظلموننا كاستحقاق لنا. من يقتصر على النوع الأول من الحكمة يصبح متكبرًا، أما من يبلغ النوع الثاني فيصبح متواضعًا.

٢٠٧. إذا لم ترغب في أن تنشط الأفكار الشريرة بداخلك، فاقبل إذلال النفس وابتلاء الجسد، وليس في مناسبات محددة فقط، بل دائمًا، في كل مكان وفي كل الأمور.

٢٠٨. من يقبل التأديب بالبلاء بإرادته لا تهيمن عليه الأفكار الشريرة رغماً عنه؛ بينما من لا يقبل البلاء يؤسر بالأفكار الشريرة، حتى لو قاومها.

٢٠٩. عندما تُظلم وقلبك ومشاعرك تقسو، لا تحزن، فذلك حدث بتدبير إلهي، بل افرح وارفض الأفكار التي تنشأ فيك، عالماً أنه إن دُمرت في المرحلة التي تكون فيها مجرد استفزازات، فإن عواقبها الشريرة ستُقطع؛ بينما إن استمرت الأفكار فمن المتوقع أن يتطور الشر.

٢١٠. بدون انكسار القلب من المستحيل تماماً أن نتخلص من الشر. والقلب ينكسر بضبط النفس الثلاثي: في النوم والطعام والراحة الجسدية. فالإفراط في هذه الأمور الثلاثة يؤدي إلى الانغماس في الذات؛ وهذا بدوره يجعلنا نقبل الأفكار الشريرة، وهو مضاد للصلاة والعمل المناسب.

٢١١. إن كان من واجبك أن تأمر إخوتك، فاذكر دورك، وعندما يخالفونك، لا تفشل في إخبارهم بما هو ضروري. عندما يطيعونك، ستُكافأ بسبب فضيلتهم؛ ولكن عندما يعصونك، ستغفر لهم على أي حال، وستُكافأ بالمثل من الذي قال: “اغفروا يُغفر لكم” (راجع مت ٦: ١٤).

٢١٢. كل حدث مثل السوق. من يعرف كيف يساوم يربح ربحاً جيداً، ومن لا يعرف يخسر.

٢١٣. إذا لم يطعك أحد بعد أن نصحته مرة، فلا تجادل ولا تحاول إجباره؛ بل خذ لنفسك الربح الذي أضاعه هو. فإن الصبر يفيدك أكثر من إصلاحه.

٢١٤. عندما يبدأ السلوك الشرير لشخص واحد في التأثير على آخرين، يجب ألا تُظهر طول الأناة؛ وبدلاً من منفعتك الخاصة يجب أن تطلب منفعة الآخرين، حتى يخلصوا. فالفضيلة التي تشمل أناساً كثيرين أكثر قيمة من الفضيلة التي تشمل واحداً فقط.

٢١٥. إذا سقط إنسان في خطيئة ما ولم يشعر بالندم على ذنبه كما يجب، فسيسقط بسهولة في نفس الفخ 19 مرة أخرى.

٢١٦. كما أن اللبؤة لا تصادق العجل، كذلك الوقاحة لا تقبل بسرور الندم الذي يتوافق مع مشيئة الله.

٢١٧. كما أن الخروف لا يتزاوج مع الذئب، كذلك معاناة القلب لا تقترن بالشبع لحبل الفضائل.

٢١٨. لا أحد يستطيع أن يختبر المعاناة والندم بطريقة تتوافق مع مشيئة الله، ما لم يحب أولاً ما يسببهما.

٢١٩. مخافة الله والتوبيخ يولدان الندم؛ المشقة والسهر يجعلانا حميمين مع المعاناة.

٢٢٠. من لا يتعلم من وصايا وتحذيرات الكتاب المقدس سيُساق “بسوط الفرس” و"منساس الحمار" (راجع أم ٢٦: ٣ السبعينية). وإن رفض أن يطيع هذين أيضاً، فإن “فمه يجب أن يُضبط باللجام والشكيمة” (مز ٣٢: ٩).

٢٢١. من يُغلب بسهولة بالأصغر سيُستعبد حتماً بالأكبر. ولكن من يتفوق على الأصغر سيقاوم أيضاً الأكبر بعون الرب.

٢٢٢. عندما يتفاخر أحد بفضائله، لا تحاول مساعدته بتوبيخه. فالإنسان لا يمكنه أن يحب التباهي وفي الوقت نفسه يحب الحق.

٢٢٣. كل كلمة للمسيح تُظهِر لنا رحمة الله وعدله وحكمته، وإن استمعنا بفرح، فإن قوتها تدخل فينا. لهذا السبب الذين بلا رحمة والظالمون، الذين يستمعون للمسيح بكراهية، لم يستطيعوا فهم حكمة الله، بل صلبوه حتى من أجل تعليمها. فنحن أيضاً يجب أن نسأل أنفسنا ما إذا كنا نستمع إليه بفرح. لأنه قال: “من يحبني يحفظ وصاياي، وسيحبه أبي، وأنا سأحبه، وأُظهر ذاتي له” (راجع يو ١٤: ٢١). أترى كيف أخفى إظهاره في الوصايا؟ من كل الوصايا، إذن، الأكثر شمولاً هي محبة الله والقريب. هذه المحبة تثبت من خلال الامتناع عن الأمور المادية، ومن خلال سكون الأفكار.

٢٢٤. عالماً بهذا، ينصحنا الرب “ألا نهتم للغد” (مت ٦: ٣٤)؛ وبحق. فإن لم يحرر الإنسان نفسه من الأمور المادية والاهتمام بها، فكيف يمكنه أن يتحرر من الأفكار الشريرة؟ وإن كان محاصراً بالأفكار الشريرة، فكيف يمكنه أن يرى حقيقة الخطيئة المخفية وراءها؟ هذه الخطيئة تلف النفس في الظلام والغموض، وتزيد قبضتها علينا من خلال أفكارنا وأعمالنا الشريرة. الشيطان يبدأ كل العملية بامتحان الإنسان بإغراء لا يُجبّر على قبوله؛ ولكن الإنسان، مدفوعاً بالانغماس في الذات وتقدير الذات، يبدأ في التفكير في هذا الإغراء بمتعة. حتى لو أخبره تمييزه أن يرفضه، إلا أنه عملياً يستمتع به ويقبله. إن لم يدرك أحد هذه العملية العامة للخطيئة، فمتى سيصلي عنها ويتطهر منها؟ وإن لم يتطهر، فكيف سيجد نقاء الطبيعة؟ وإن لم يجد هذا، فكيف سيبصر المسكن الداخلي للمسيح؟ لأننا مسكن الله، بحسب كلمات النبي والإنجيل والرسول (راجع زك ٢: ١٠؛ يو ١٤: ٢٣؛ ١كو ٣: ١٦؛ عب ٣: ٦).

٢٢٥. تابعين للنمط المذكور للتو، يجب أن نحاول العثور على المسكن ونقرع بصلاة مستمرة، حتى إما في هذه الحياة أو عند موتنا يفتح لنا السيد ولا يقول بسبب إهمالنا: “لست أعرف من أين أنتم” (لو ١٣: ٢٥). ليس فقط يجب أن نسأل ونتلقى، بل يجب أيضاً أن نحفظ بأمان ما يُعطى؛ لأن بعض الناس يفقدون ما تلقوه. المعرفة النظرية أو الخبرة العابرة لهذه الأشياء قد يحصل عليها ربما أولئك الذين بدأوا التعلم متأخرين في الحياة أو الذين ما زالوا شباباً؛ ولكن الممارسة المستمرة والصابرة لهذه الأشياء بالكاد تُكتسب حتى من قِبل الشيوخ والعميقي الخبرة، الذين فقدوها مراراً بسبب قلة الانتباه ثم من خلال المعاناة الإرادية بحثوا عنها ووجدوها مرة أخرى. فلنقلدهم باستمرار في هذا، حتى نحن أيضاً نكتسب هذه الممارسة بلا انتزاع.

٢٢٦. من بين الأحكام الكثيرة للناموس الروحي فهمنا هذه القليلة. المرنم العظيم يحثنا مراراً وتكراراً أن نتعلمها ونمارسها بينما نسبح الرب يسوع بلا انقطاع. له المجد والقوة والسجود، الآن وإلى كل الدهور. آمين.


  1. Mark The Hermit | Early Christian Ascetic & Theologian | Britannica  ↩︎

  2. Palladius, The Lausiac History (1918) pp. 35-180. English Translation.  ↩︎ ↩︎

  3. Our Holy Father Mark the Ascetic. Commemorated March 5 (Civil Date: March 18 )  ↩︎

  4. نيكيفوروس كاليستوس زانثوبولوس: مؤرخ و كاتب من امبراطوريه بيزنطيه. ↩︎

  5. “Hist. Eccl.” in Patrologia Graeca, CXLVI, XlV, 30 ↩︎

  6. نص موسوعي في ٦٨ مجلدًا من الوثائق التي تبحث في حياة القديسين المسيحيين. صمم المشروع وبدءه اليسوعي هريبرت روزويد (Heribert Rosweyde) بعد وفاته عام ١٦٢٩ ↩︎

  7. Ecclesiastical History, Book VI (Sozomen)  ↩︎

  8. Acta Sanctorum: 5. März - Ökumenisches Heiligenlexikon  ↩︎

  9. فوتيوس بطريرك القسطنطينية (القرن ٩ ميلادي) هو باحث ولاهوتي، وُلد في القسطنطينية. يُعرف لدي الروم بفوتيوس المعترف ↩︎

  10. «المكتبة» Μυριόβιβлος وهو عمل ضغم يضم وصف لـ ٢٧٩ كتاب يوناني التي قرأها فوتيوس مع تحليل لمضموناتها. كرّس فوتيوس العمل لأخيه ↩︎

  11. Bibliothèque de Photius : 200. Marc le Moine, Ouvrages divers.  ↩︎

  12. Text from G.E.H. Palmer, Philip Sherrard, and Kallistos Ware (trans. and eds.) The Philokalia: The Complete Text, vol. I (Faber & Faber, London & Boston: 1979), pp. 125- 146.  ↩︎ ↩︎

  13. حرفياً: هدية ↩︎ ↩︎

  14. “النسك” تأتي في الأصل اليوناني من الكلمة (askētikós) ἀσκητικός والتي تعني حرفياً “تمرين” أو “ضبط”. والحياة النسكية ليست مقتصره فقط علي الرهبان لكنها للكل. أستخدم الرسول بولس تعبير مشابه في رسالتة إلي تلميذه تيموثاوس حين قال: “وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا، وَرَوِّضْ نَفْسَكَ γύμναζε δε σεαυτόν لِلتَّقْوَى. لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ. (١تي ٤: ٧-٨)” 1Ti 4:7-8 ↩︎ ↩︎

  15. حرفياًً: عدم الحساسية ↩︎

  16. حرفياًً: إرادة ↩︎

  17. المقصود بعبارة «المخلوقات» ليس الكائنات البشرية أو المخلوقات بمعناها العام فقط، بل يشمل كل ما هو منظور وحسيّ في العالم المادي: الطبيعة، الأشياء، الصور، والمعارف المستقاة من الخليقة. فـ«معرفة المخلوقات» تعني الانشغال بالفكر الطبيعي والفلسفي والعلمي أو بالصور الحسية للعالم. هذه المعرفة نافعة في وقت التجربة أو الفتور إذ تعطي تعزية ودعمًا، لكنها قد تُصبح عائقًا في وقت الصلاة النقيّة، لأنها تُشغل الذهن عن التأمل في الله وحده. ↩︎ ↩︎

  18. حرفياً: يمده بالطاقة ↩︎

  19. حرفياً: الشبكه ↩︎